للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن أريد مجموع الفرق لم يصح (أ) لوجهين:

أحدهما: أن منهم من لا يقول بالإجماع، فلا يصح اعتبار إجماع من لا يرى الإجماع حجة.

الثاني: أن من فرق الأمة من يكفر ببدعته، والكافر لا يعتبر في الإجماع، وإن أريد الفرقة الناجية فليست مجموع الأمة، بل هي ثُمُنُ تُسُعِ الأمة تقريبا، جزء من ثلاثة وسبعين جزءًا، فيبقى تقدير الحديث ثمن تسع أمتي لا يجتمع على ضلالة، أو جزء من ثلاثة وسبعين جزءًا من أمتي لا يجتمع على ضلالة، وهو ركيك من الكلام، لا يجوز نسبة مثله إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.

الوجه الثالث: أن عثمان بن عفان رضي الله عنه والإمامين قبله حجبوا الأم عن الثلث إلى السدس بأخوين، ولم يحجبها ابن عباس إلا بثلاثة، وناظر عثمان في ذلك، حيث قال لعثمان: إن الله عزَّ وجلَّ يقول: {فإن كان له إخوة فلأمه السدس} [سورة النساء: ١٢] وليس الأخوان إخوة في لسان قومك، فقال عثمان: إني لا أدع أمرا كان قبلي (١).

وهذا احتجاج من عثمان بالإجماع، ولو كان حجة لما خالفه ابن عباس لظاهر القرآن ابتداء، ولما أقره عثمان على خلافه دومًا (ب)، بل كان يأخذ على يده، ويرده إلى إجماع الناس، وهذا يدل على أن الإجماع دون ظواهر


(أ) في س لم أر.
(ب) في ب، م دواما.
(١) رواه ابن جرير في التفسير (٨/ ٤١ طبعة محمود شاكر) والحاكم ٤/ ٣٣٥ والبيهقي في السنن الكبرى ٦/ ٢٢٧ قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.