للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النصوص في القوة، كما فعله ابن عباس حيث قدم ظاهرًا من ظواهر الكتاب على الإجماع، وخصوصا إجماع الخلفاء الثلاثة ومن في عصرهم.

الوجه الرابع: أن الصحابة أجمعوا على جواز التيمم للمرض وعدم الماء، وخالف ابن مسعود حيث قال: لو رخصنا لهم في هذا لأوشك أن يبرد على أحدهم الماء فيتيمم وهو يرى الماء، فاحتج أبو موسى عليه بالآية، وحديث عمار فلم يلتفت (١)، وهذا ترك للنص (أ) والإجماع بمجرد المصلحة، ثم اشتهر هذا عن ابن مسعود ولم ينكر عليه أحد، فهو في ذلك إما مصيب أو مخطئ، فإن كان مصيبا لزم جواز ترك النص والإجماع بالمصلحة ونحوها، وهو المطلوب، وإن كان مخطئا لزم خطأ أهل الإجماع في ترك الإنكار عليه، فأحد الأمرين لازم، إما جواز ترك الإجماع لفعل ابن مسعود فلا يكون حجة، أو وقوع الإجماع على الخطأ، لإقرار الصحابة ابن مسعود على خطئه، وكلا الأمرين قادح في الإجماع.

فإن قيل: لا نسلم انعقاد الإجماع على التيمم عند عدم الماء لمخالفة ابن مسعود فيه، ولا نسلم اتفاق الصحابة على ترك الإنكار على ابن مسعود قوله، لرد أبي موسى عليه، فبطل ما احتججتم به على القدح في الإجماع.

قلنا: بتقدير أن ابن مسعود لم يخالف الإجماع فقد خالف النص الذي هو أصل الإجماع بمجرد المصلحة، وأنتم لا تقولون بترك النص لقياس ولا مصلحة، فهو إذًا مخطئ عندكم، وقد أقره الصحابة على الخطأ، ولزم


(أ) في ب النص.
(١) رواه البخاري ١/ ١٣٢ بنحوه.