للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَاشْرَبْ وَلُطْ وَازْنِ وَقَامِر وَاحْتَجِجْ ... فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ بِقَوْلِ إمامِ (١)

يعني بذلك شرب النبيذ، وعدم الحد في اللواط على رأي أبي حنيفة، والوطء في الدبر على ما يعزى إلى مالك، ولعب الشطرنج على رأي الشافعي.

وأيضًا فإن بعض أهل الذمة ربما أراد الإسلام فيمنعه كثرة الخلاف وتعدد الآراء ظنا منه أنهم يخطئون (٢) في عمياء، لأن الخلاف منفور عنه بالطبع، ولهذا قال الله عزَّ وجلَّ {الله نزل أحسن الحديث كتابًا متشابها} [سورة الزمر: ٢٣] أي: يشبه بعضه بعضا، ويصدق بعضه بعضا، لا يُختَلَفُ إلا بما فيه من المتشابهات، وهي ترجع إلى المحكمات بطريقها، ولو اعتمدت رعاية المصالح المستفادة من قوله عليه الصلاة والسلام: "لا ضرر ولا ضرار" على ما تقرر لَاتَّحَدَ طريقُ الحكم، وانتفى الخلاف فلم يكن ذلك شبهة في امتناع (أ) من أراد الإسلام من أهل الذمة وغيرهم.

فإن قيل: هذه الطريقة التي سلكتها إما أن تكون خطأ فلا يلتفت إليها، أو صوابا فإما أن ينحصر الصواب فيها أو لا، فإن انحصر لزم أن الأمة من أول الإسلام إلى حين ظهور هذه الطريقة على خطأ، إذ لم يقل بها أحد


(أ) في م منع.
(١) البيت الأخير من مقطوعة أوردها السبكي في معيد النعم ومبيد النقم ١٠٢ ونسبه لبعض سفهاء الشعراء. وقال: رأيي في مثل هذا الشاعر أن يضرب بالسياط ويطاف به في الأسواق. قبحه الله تعالى وأخزاه. وانظر بقية كلامه فيه ص ١٠٣.
(٢) كذا في النسخ، ولعلها يخطبون.