منهم، وإن لم ينحصر فهي طريق جائزة من الطرق، لكن طرق الأئمة التي اتفقت الأمة على اتباعها أولى بالمتابعة لقوله عليه الصلاة والسلام:"اتبعوا السواد الأعظم، فإنه من شذ شذ في النار"(١).
فالجواب أنها ليست خطأ، لما ذكرنا عليها من البرهان، ولا الصواب منحصر فيها قطعا، بل ظنا واجتهادا، وذلك يوجب المصير إليها، إذ الظن في الفرعيات كالقطع في غيرها، وما يلزم على هذا من خطأ الأمة فيما قبله لازم على رأي كل ذي قول أو طريقة انفرد بها غير مسبوق إليها، والسواد الأعظم الواجب اتباعه هو الحجة والدليل الواضح، وإلا لزم أن يتبع العلماء العامة إذا خالفوهم، لأن العامة أكثر، وهو السواد الأعظم. والله عزَّ وجلَّ أعلم بالصواب.
واعلم أن هذه الطريقة التي قررناها مستفيدين لها من الحديث المذكور ليست هي القول بالمصالح المرسلة على ما ذهب إليه مالك، بل هي أبلغ من ذلك، وهي التعويل على النصوص والإجماع في العبادات والمقدرات، وعلى اعتبار المصالح في المعاملات وباقي الأحكام.
وتقرير ذلك أن الكلام في أحكام الشرع إما أن يقع في العبادات والمقدرات ونحوها، أو في المعاملات والعادات وشبهها، فإن وقع في الأول اعتبر فيه النص والإجماع ونحوهما من الأدلة، غير أن الدليل على الحكم إما أن يَتَّحِدَ أو يَتَعَدَّدَ، فإن اتَّحَدَ مثل أن كان فيه آية أو حديث أو قياس أو غير