للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلت: قوله: "من سلك طريقا يلتمس فيه علما" عام في كل علم شرعي أو فلسفي، فلم خصصتموه بالعلم الشرعي؟.

قلنا: بدليل قوله: "سهل الله له به طريقا إلى الجنة" والعلوم التي يطلب بها الجنة ويسهل بها طريقها هي الشرعية (أ) دون غيرها.

السادس: أن الاجتماع في بيوت الله عزَّ وجلَّ لمذاكرة الكتاب


(أ) في س الشريعة.
= وتعلمه مما أباحه الشارع، ولا استباحه أحد من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين والسلف الصالحين وسائر من يقتدي به من أعلام الأمة وسادتها، وأركان الأمة وقادتها قد برأ الله الجميع من معرة ذلك وأدناسه وطهرهم من أوضاره. وأما استعمال الاصطلاحات المنطقية في مباحث الأحكام الشرعية فمن المنكرات المستبشعة والرقاعات المستحدثة، وليس بالأحكام الشرعية - ولله الحمد - افتقار إلى المنطق أصلا. وما يزعمه المنطقي للمنطق من أمر الحد والبرهان فقعاقع قد أغنى الله عنها كل صحيح الذهن، لا سيما من خدم نظريات العلوم الشرعية، ولقد تمت الشريعة وعلومها وخاض في بحار الحقائق والدقائق علماؤها حيث لا منطق ولا فلسفة ولا فلاسفة" فتاوى ابن الصلاح (١/ ٢٠٩ طبعة قلعجي).
وقال شيخ الإسلام -وهو حامل لواء الإجهاز على المنطق والفلسفة-: "وقد صنف في الإسلام علوم النحو واللغة والعروض والفقه وأصوله والكلام وغير ذلك، وليس في أئمة هذه الفنون من كان يلتفت إلى المنطق، بل عامتهم كانوا قبل أن يعرب هذا المنطق اليوناني".
إلى أن قال: "بل إدخال صناعة المنطق في العلوم الصحيحة يطول العبارة، ويبعد الإشارة، ويجعل القريب من العلم بعيدا، واليسير منه عسيرا، ولهذا تجد من أدخله في الخلاف والكلام وأصول الفقه وغير ذلك لم يفد إلا كثرة الكلام والتشقيق، مع قلة العلم والتحقيق" نقض المنطق ١٦٩. ولشيخ الإسلام كتابان في رد المنطق أحدهما: كتاب الرد على المنطقيين، وثانيهما: نقض المنطق، ولجلال الدين السيوطي كتاب حافل في جمع فتاوى العلماء الذين حَرَّموا المنطق، وهو: القول المشرق في تحريم الاشتغال بالمنطق. وقد حققه الأخ البحاثة محمد عزيز شمس.