للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأجابوا عن حجة (أ) الأولين؛ أن قولكم: التقية نفاق؛ يمكن تسليمه، لكن لم قلتم: إن كل نفاق حرام، وظاهر أنه ليس كذلك، فإن النفاق ضربان: لغوي، وعرفي، فاللغوي هو إظهار الإنسان خلاف ما في نفسه خوفا من المكروه، والعرفي إظهار الإيمان والسنة وإخفاء الكفر والبدعة خوفا من المكروه، فالنفاق لغة أعم منه عرفا، والحرام إنما هو النفاق عرفا، لا النفاق لغة، وإلا لوجب أن يكون من أظهر الكفر وأخفى الإيمان خوفا منافقا آثما، وهو خلاف نص القرآن، وحينئذ نقول: التقية التي فيها النزاع -إن سلَّمنا أنها نفاق- فهي نفاق لغوي، لا عرفي فلا يكون حراما (١).

واعلم أن هذا النزاع الطويل بينهم في التقية استدلالًا وحوابا ذاهب في السائب هدرًا (ب)، فإن جُلَّ (جـ) الخلاف بينهم إنما هو في مبايعة علي بن أبي طالب أبا بكر رضي الله عنهما تقية، فادَّعاه الشيعة كما مَرَّ، ونفاه أهل السنة لأنه نفاق، وهو لا ينبغي نسبته إلى علي رضي الله عنه.

أما التقية في غير ذلك فلا مبالاة بإثباتها وجوازها، وإنما يكره عامة الناس لفظها لكونها من مستندات الشيعة، وإلا فالعلماء مطبقون على


(أ) في ب: عن حجة الأولى إن التقية نفاق.
(ب) في م لا أثر له هدرا.
(جـ) في م محل.
(١) لم يحسن المؤلف صنعا، حيث ساق استدلال أهل السنة مبتورا في قالب ضعيف، وساق استدلال الرافضة مستوفى في أحسن سياق، وذلك يُطرِّقُ عليه الشائنين له، الناسبين إليه التشيع.