للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قلت: ولهذا المعنى ونحوه قيل: "نية المرء (أ) خير من عمله" (١) وقد ذهب بعض العلماء إلى وقوع الطلاق بالنية المجردة، ولزوم النذر بها اعتمادا على هذا الحديث، ولا يَرِدُ عليهم (ب) قوله عليه الصَّلاة والسلام: "إن الله تجاوز لأمَّتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل به" (٢) لأنَّ المعفو (جـ) عنه في هذا الحديث هو الخطرات والهمم الضعيفة، بخلاف ما عقدت عليه العزائم، وهم إنَّما يوقعون الطلاق ونحوه بالنية إذا قويت وصارت عزيمة أكيدة.

وسيأتي الكلام في نحو هذا إن شاء الله عزَّ وجلَّ.

البحث الرابع: قوله: "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله" هذا تفصيل لما سبق في قوله: "إنَّما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" وإنَّما فرض الكلام في الهجرة لأنها السبب الباعث على هذا الحديث وذلك لأن رجلًا من أهل مكّة كان يهوى امرأة يقال لها: أم قيس فهاجرت إلى المدينة فهاجر الرجل لأجلها لا تدينًا فَعَرَّض النبي - صلى الله عليه وسلم - به في الحديث تنفيرا عن (د) مثل قصده، وكان ذلك الرجل


(أ) في س، م المؤمن.
(ب) في س عليه.
(جـ) في م المرفوع.
(د) في م من مثل فعله.
(١) رواه الطّبرانيّ في المعجم الكبير ٦/ ٢٢٨ من حديث سهل بن سعد الساعدي، قال الهيثمي في مجمع الزوائد ١/ ٦١ ورجاله موثقون إلَّا حاتم بن عباد بن دينار الجرشي لم أر من ذكر له ترجمة.
(٢) رواه البُخاريّ ٢/ ٨٩٤ ومسلم ١/ ١١٧ من حديث أبي هريرة.