والذين يكفرون بالمعاصي هم الخوارج، وهم الذين ابتدعوا بدعة التكفير بالذنوب، فعندهم أن الزاني والسارق وشارب الخمر والقاتل وغيرهم من أصحاب المعاصي كلهم كفار، ولهم عدد من الشبه.
منها: مجيء بعض النصوص بتسمية بعض الذنوب كفراً، مع اتفاق أهل السنة والجماعة على كونها ليست كفراً، ولو كانت كفراً لوجب قتل فاعلها لكونه مرتداً، وشأن الخوارج معروف، وقد وصفهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وذمهم، وحذر منهم، وحث على قتالهم، وقاتلهم الصحابة رضوان الله تعالى عليهم.
وقد جرى المعتزلة مجرى الخوارج، فقالوا: إن مرتكب الكبيرة يكون في منزلة بين المنزلتين في الدنيا، ووافقوا الخوارج في مآله في الآخرة بتخليد أهل الكبائر في النار.
أما أهل السنة والجماعة: فإنهم لا يكفرون بكل ذنب، بل الذنوب التي دون الكفر؛ هي من المعاصي، وسبب للعقاب، وهم في الآخرة تحت المشيئة، على حد قول الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[النساء:٤٨/ ١١٦]، ولذلك قال الطحاوي -رحمه الله- في عقيدته المشهورة:((وأهل الكبائر من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - في النار لا يخلدون، إذا ماتوا وهم موحدون، وإن لم يكونوا تائبين)) (١).
(١) انظر شرح فضيلة الشيخ عبدالرحمن البراك على الطحاوية (٢٥٢).