قوله:((ومن السنة: هجران أهل البدع، ومباينتهم)): وذلك بالإعراض عنهم، وترك مجالستهم، إما زجراً لهم عن بدعتهم، وإما اتقاء لشرهم، لأن مجالستهم تجر إلى الوقوع في بدعتهم، وإلى التهاون في شأن البدع التي هم عليها.
والهجر إما أن يكون تأديباً وزجراً من باب إنكار المنكر، وإما أن يكون توقياً للشر الذي هم عليه.
وهذا لا يمنع من دعوتهم لمن رأى من نفسه ذلك، ورأى للدعوة مجالاً، وكان ممن يحسن الحجاج، والرد على الخصوم، لأن أهل البدع والكلام أصحاب جدل وشبهات، فيحتاج من يدعوهم إلى علم يرد به عليهم، ويدحض الشبهات.
قوله:((وترك الجدال والخصومات في الدين)): وذلك بالخصومات التي لا طائل تحتها، بل على المسلم أن يتعلم الحق، ولا يدخل في معامع الجدل والمناظرات التي يقصد من وراءها الانتصار على الخصم؛ لا إحقاق الحق.
لكن إن تهيأت الأسباب للمناظرة التي ينصر بها الحق، ويدحض بها الباطل؛ فإن الله تعالى يقول:{وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[النحل:١٢٥]، فيكون حينئذ من طرق الدعوة.
قوله:((وترك النظر في كتب المبتدعة، والإصغاء إلى كلامهم)): لأن النظر فيها يؤدي إلى وقوع الشبهات في القلب،