عليها، فلا يستطيع أن يقول: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمه وكتمه، وكانا يتناظران عند الخليفة الواثق، فأعجب بهذا الرد وهذا الإفحام.
وقريبٌ من هذا جرى للإمام أحمد رحمه الله (١)، واحتج على من ناظره بمثل ذلك.
وقول المؤلف: أن منهج الأئمة من السابقين: ((تلاوة آيات الصفات، وقراءة أخبارها، وإمرارها كما جاءت))، أنهم يقرؤون آيات الصفات وأخبارها؛ هذا مما يوهم أن مذهبهم التفويض، وأنهم يهتمون بقراءتها فقط، ولعله لا يقصد ما يقصده أهل التفويض -كما تقدم-، بل يقرؤونها وهم مؤمنون بما دلت عليه، وما دل عليه ظاهرها، من غير أن يتكلفوا في صرفها عن ظواهرها، فإن ما تقدم من كلامه يتضمن أنه -رحمه الله- يقول بإثبات الصفات لله تعالى، ولا ينتحل مذهب أهل التفويض، وأن ما أشكل واشتبه: فإنه يجب إمراره وإقراره، إمرارٌ دون التعرض له بالتأويل، والتفسيرات المخالفة لظاهرها، وإقرار هذه النصوص على ما دلت عليه، وإقرار ما يتضمن الإثبات، لأنه لا أحد من المبتدعة ينكر النصوص، بل كل المسلمين يقرون بالآيات، ويؤمنون بأنها من القرآن، ويقرون بما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، لكنهم يتعرضون لها ويؤلونها، ولذلك قال المؤلف:((إمرارها وإقرارها))، أي: إقرارها على ما دلت عليه، وذلك بترك التعرض لها بالتأويل، الذي هو في الحقيقة تحريف، لأنه صرف لهذه النصوص عن ظاهرها من غير حجة.
(١) ذكرها ابن الجوزي في مناقب الإمام أحمد (ص ٤٧٥)، وعقد لهذه المناظرة فصلاً مستقلاً.