والمؤلف يردُّ بهذا الكلام وما بعده على من يقول: إن كلام الله معنى نفسي واحد لا يتبعض، وهذا القرآن المكتوب المحفوظ المسموع عبارة عن ذلك المعنى النفسي.
قوله:((متلو بالألسنة، محفوظ في الصدور، مسموع بالآذان، مكتوب في المصاحف)): فالقرآن هو كلام الله كيفما تصرَّف، سواء كان محفوظاً في صدور العباد، أو مكتوباً في المصاحف، أو مسموعاً بالآذان، أو منطوقاً به بالألسن، فنقول في المصحف: أن فيه كلام الله، ونقول عن المحفوظ في صدور العالِمين: هو كلام الله، كما قال الله تعالى:{بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ}[العنكبوت:٤٩]، ونقول فيما يقرأه القارئ: هذا كلام الله، فالصوت صوت القارئ، والكلام كلام الباري، ونقول فيما نسمعه: هذا كلام الله، فمن يستمع إلى القرآن فإنما يسمع كلام الله، كما قال الله تعالى:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ}[التوبة:٦]، فسمَّى المسموع المتْلُوَّ: كلام الله.
وهو هذا الكتاب العربي الذي قال فيه الذين كفروا:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآَنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ}[سبأ:٣١]، وقال بعضهم:{إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ}[المدثر:٢٥]، فقال سبحانه: