والمشبَّه به: هو رؤيتهم للشمس والقمر، فالمذكور في الحديث هو تشبيه الرؤية بالرؤية، لا تشبيه المرئي بالمرئي، ((فإن الله تعالى لا شبيه له ولا نظير))، ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((... سترون ربكم كما ...))، أي: سترونه رؤية كرؤيتكم، وهذا هو التقدير الصحيح.
ووجه الشبه: أنها رؤية بصرية، عيانية، جلية، ليس فيها خفاء، ولا معاناة، ولا ضيم، ولا تضام، ولا ضرر، كما يرون الشمس والقمر وهي صحو، حيث يرونهما الناس وهم في أماكنهم متباعدين، ولا يجدون معاناة في ذلك، بخلاف رؤية الهلال؛ لأن رؤيته تحتاج إلى عناء وتحري وتحديق وتعب.
وأيضاً: فهي رؤية ليس فيها إحاطة، فالمؤمنون يرون ربهم، ولا تحيط به أبصارهم، كما يرون الشمس والقمر رؤية من غير إحاطة بهما، وقد قال الله تعالى:{لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}[الأنعام:١٠٣].
وأيضاً: فهي رؤية من علو، كما يرون الشمس والقمر من علو.
وأنكرت المعتزلة والجهمية الرؤية مطلقاً، وكذبوا بها، وتأولوا النصوص أو ردوها، فما قدروا على ردِّه ردوه، وما لم يقدروا على رده -كالقرآن- أوَّلوه، فأمرهم دائر بين التكذيب والتحريف، وبنوا هذا على أصول فاسدة، زعموا أنها عقليات؛ وهي في حقيقتها جهليات، فهم ينفون العلو، وينفون قيام الصفات به، وأن الرؤية تستلزم المقابلة، وأن المرئي لا بد أن