وتكريرك لقولك [هل] يكون الإقرار في نفسه تارة إقرارا وتارة غير إقرار، وتارة وصـ[ـية] وردد هذا، كأنه رجل ضاقت به مخارج الكلام، فلم يجد غير هـ[ـذا] المعنى يكرره، وهذا كله لا وجه له، لأنا لم نقل الوصية إقر [ار، بل] الإقرار الإقرار في كل وقت، فإذا قارنته التهمة بطل، وصار كالـ[ـوصية].
كما إذا قارنت الشهادةَ الظنةُ بالعداوة أو غيرها بطلت، [ولا يجوز] أن يُقال: الشهادة تارة شهادة، وتارة غير شهادة [فالشهادة لم] تبطل ولم يبطل الإقرار إلا لما قارنهما من التهمة التي لم تكـ[ـن فيما] أجزنا من ذلك، فتلك العلة فرقت بين حكم الإقرارين [وحكم] الشهادتين، وقد دللناك على أحكام الظنة في الأصول [من] الكتاب والسنة والإجماع، وما تعارفته العامة والخاصة.
والعجب من قولك/: فما تقول في الصديق والفاروق، لو أقرا لوارث هل يتهما؟
فأنت غائب عن مجاري الأصول كيف جرت، أو لم تعلم أن ما كان أصله التهمة أنه يحمل الباب فيه بمعنى واحد في التهم وغيره، لئلا تختلف أحكام الله عز وجل ورسوله عليه السلام.
ألا ترى أن أصل القصر في السفر والفطر تخفيفا وتيسيرا لمشقة السفر، وقد يكون في السفر مرفها وغير مرفه، فجعل الأمر لهما واحدًا، وإن لم يكن في أحدهما موجود الأصل، الذي كان له سبب الرخصة.
وكذلك قد أبطل أبو بكر من فعل نفسه من إبقاء الهبة بيده إلى حين وفاته، فأبطلها، وهو يعلم من نفسه أنه غير متهم عند نفسه ولا عند الأمة.