وهؤلاء الأئمة قد شهدوا في مالك بما علموه من نهاية العلم وسعته وصحة رويته وحسن استنباطه، وتمامه في الفقه والحديث، وهم بحيث هم من الإمامة والديانة، وقد شهدت أنت فيه بتقصير العلم، فضح نفسك معهم بموضع استحقاقك من قبول القول يعذر ذلك عليك وييسر، والله المستعان.
[فصل آخر]
قال أبو محمد عبد الله [بن أبي] زيد: ورأيت هذا الرجل يؤثر في التعريف بذكر مالك أن يقول: [قال الحـ]ـجازي، فلعمري إن مالكا والشافعي لحجازيان، إلا أنه يذكر الشافعي [بما أشـ]ـتهر به من التعريف، فيقول: قال الشافعي.
والأغلب مما يذكر العلماء به مالكا اسمه أو كنيته، وليس التعريف بالبلدان آثر في العلماء [و] غيرهم من [الأسماء]، وما لإيثار ذلك دون اسمه وما عرف به مدخل في التشريف، والله أعلم بخابئة قلبه فيما أراد بذلك فيجازيه به.
ولو أخذ [في] طريق تشريفه بذكر البلد لسماه من ذلك بما تأول ابن عيينة وابن جريج [وابـ]ـن مهدي وغيرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سماه به، فقال: عالم المدينة، ليس [على ظهر] الدنيا أعلم منه، يضرب الناس إليه آباط الإبل كما تقدم [ذكرناه] إياه.
فلو قال: عالم المدينة أو عالم أهل المدينة، كما كان يقول وكيع والأوزاعي وحماد وغيرهم، لكان قد سلك مسلك الناصحين لله ورسوله في تشريف أئمة دينه.