ثم أخذ يحتج في إبطال اقتداء الناس بعلمائهم، وقبولهم، ما أفتوهم به، بقول الله سبحانه عز وجل:{اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله} في مثل هذا من الآتي، وأن الرسول عليه السلام قال لحذيفة: إنهم أحلوا لهم الحرام فاستحلوه، وحرموا عليهم الحلال فحرموه.
وهذه عظيمة، ما ظننت أن يتجاسر عليها متجاسر، وكيف يحتج بآية نزلت في قوم من بني إسرائيل بدلوا كتاب الله عنادا وكذبا، ليشتروا به ثمنا قليلا، وقالوا فيما غيروه: إنه من عند الله، وما هو من عند الله افتراء على الله الكذب.
فأين تذهب بك المذاهب في تشبيهك لهؤلاء بالأئمة المأمونين على الكتاب والسنة الذين تشهد الأمة أنهم لم يخونوا الله في دينه ولا رسوله، بل هم المأمورون بالاجتهاد، القاصدون للحق والمأجورون إذا أفتوا على اجتهادهم، الذي قصدوا به وجه الله وما أعلم بالأمة من يجعل ما ضربه هذا الرجل لهم مثلا من القصد إلى مخالفة الله ورسوله خيانة وعنادا إلا حاقن عليهم باللسان، وكل قول خرج عن غضب وحمية تعظم عاقبة الزلل فيه، أعوذ بالله من الطعن على الأئمة.
ولا يعدو أن يكون من أشرت إليه من علماء الأئمة نزلوا عندك في رتبة هؤلاء الذين خانوا في كتابه، وحرموا حلاله وأحلوا حرامه، قاصدين لذلك، جرأة على الله وردا لأمره، أو هم بضد ذلك كله، وفي موضع الثناء فيهم خلاف ذلك، فإن ساويتهم