وبعد فإن القانع الذي قد شهر بالسؤال واستدامة وعرف به، وجعله عيشه لا يحل من القلوب في تمام العدالة محل المتعفف عن ذلك، حتي يقبل ي الدماء والحدود والتجريح والتعديل وعظيم الأموال.
ولو كان قد انتهى إلى ما اومأت إليه من تمام العدالة، لوجد متسعا عن مداومة السؤال والشهرة به، قال عليه السلام: من يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله، وقد أثني الله على المتعففين الذين يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف، وقال {لا يسئلون الناس إلحافا} فمن سأل إلحافا فقد انخفضت مرتبته عن هذا الثناء، وقد قصر به عن الحال، الممدوح، والأغلب من الملحف أن يظهر من الفقر أكثر مما هو به وفيه، والله أعلم.
وقد قال النبي عليه السلام – وقد مات رجل من أهل الصفة، فوجد في إطماره ديناران فقال عليه السلام: كيتان من نار، وذلك والله اعلم لإظهاره من الفقر أكثر مما به منه، وكان في مرتبة السؤال بملازمته للكون مع أهل الصفة.