وأما قولك: إنها قد بانت منه، ولا تعتد منه، ولو صح لم تحل له، فلا حجة لك بذلك، لما تقدم دليلنا به.
ونزيد بذلك بيانا فنقول: أرأيت إن اعتق عبيده في مرضه، ولا يملك غيرهم، أليس إن صح عقتوا عليه، وإن مات ورث منهم الورثة الثلثين، بالميراث الذي لا تبطله حوادثه؟ فكذلك الزوجة مطلقة ترث، ولا يبطل ميراثها بحوادثه.
فإن قلت: فلم لا أنفذت العتق كما أوقعت الطلاق؟ قلنا لك: إنما أبطلنا العتق إذا مات في ثلثي العبيد، لأن ثلثي العبيد [ملـ]ـك الورثة، الذي منع فيه من الحوادث، ولم نبطل الطلاق في نفسه إذا مات؛ لأن إيقاع الطلاق في نفسه لا يضر الوراث وهي الزوجة، وإنما يضرها منع الميراثن فورثناها، ولم نجعل دثه يمنعها ميراثها كما لم يكن عتقه لثلثي العبيد يزيل ميراث الورثة منهم، ولا يصل الوارث إلى الميراث بالعتق، والزوجة تصل إلى أخذ الميراث مع إيقاع الطلاق.
فتأمل موضع اتفاق العلل واختلافها، ولا يبعد عليك أن ترثه ولا يرثها، إذ العلة التي في ميراثها منه كانت منه، وقد وقع طلاقه بإجماع، ولم تقم مثل تلك العلة في ميراثها.