ولا يشك منصف أنه النجم في الآثار في عصره، والجامع لشملها والمذهب لها، وأمير المؤمنين فيها، وسنذكر بعد هذا بعض قول الأئمة فيه واعترافهم بإمامته في الفقه والحديث.
وإن قال: أردتُ بهذه الدعوة طلبة الحديث في وقته؛ فهؤلاء ما كادوا شيئا من الحديث، وهم مسلمون لأئمتهم، وكذلك عليهم قال النبي صلى الله عليه وسلم: رب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، وما يعرف الطلبة برد الحديث حتى يكيدوه والكيد في رد الشيء أعظم من دفعه.
فليت شعري متى تطابقت الفرق كلها على هذا الأمر العظيم، فلم يبق منهم متمسك بالسنن، حتى أتى الشافعي فتمسك بها ورد الناس إليها، لقد بالغ هذا الرجل في نقص العلماء، وفي انتقصاص الشافعي حين رفعه بنقص سلفه، ووصفه بما لا يرضى به لنفسه، ولا يرضي به من يؤثر الحق من أصحابه.
وإن أراد أهل الرأي من الكوفيين، فليسوا بالفرق كلهم، ولهم بعض التمسك بما عندهم من الحديث وإن كان غيرهم أثبت أحاديث وأعلم بالسنن منهم.