[لأنـ]ـه على ما أظهر من التوبة عهدناه، فلم ينتقل عندنا إلى حال يعرف أنه انتقل إليها، واقتدي في ذلك بعلي بن ابي طالب، وابن عباس وغيرهما في الزنديق، وبما ثبت ايضا عن عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وحفصة في الساحر، وبما دلت عليه الأصول من الكتاب والسنة مع كثرة من قال ذلك من التابعين وغيرهم.
ثم تحامل هذا الرجل فقال: إن مالكا إنما قال هذا برأيه واستحسانه، وإنه لم يسبقه إليه أحد علمته، وإنه خلاف ظاهر الكتاب وما ثبت من السنة، وما أجمع عليه أصحاب رسول الله عليه السلام والتابعون، في كلام من هذا، أقله يعظم على من عظم أمر الله.
وإن هذا الرجل في ا [دعا] ئه وحرج صدره وتقحمه فيما لا علم له به، واسترسال لسانه بالمنكر من القول، قد سلك مسلكا لم يسلكه إلا مجان أهل الكلام وسفاهة الأحلام، ممن يغمص على متقدمي السلف، من الفقهاء والمحدثين، ويقفون عنده موقف الغفلة، والمتحلقين ممن سبق مثل هذا إليه، فأشربه قلبه، فأقام عليه قد حجب عن الواضح، وجمح عن الناصح.