للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولك: إن أعتق عبدا لولده الصغير عن نفسه لم جاز ذلك، ولزمـ[ـته] قيمته، وإن كان كبيرا لم يلزمه؟

فهذا أيضا من باب البيع عليه من نفسه، لأن عتقه إياه عن نفسه إدخال له في ملك الأب ليملك ولاءه، وهـ[ـو] جائز أن ينقل من ملك ولده، إلى ملكه بعوض، لا خلاف في معاوضته ابـ[ـنه] [على ما] نقل إلى ملكه من هذا العبد بالعتق، الذي [عتق، فصار] إليه ولاؤه، ولزمته قيمته، لجواز بيعه وشرائه عليه وله.

ولما لم يجز له ذلك [في ابنه الكبير] من بيعه عليه وشرائه لا لنفسه ولا لغيره، فكذلك عتقه لعبده لم نر ذلك له، فافترق الصغير من الكبير لهذه الوجوه.

وأما قولك: ما الفرق بين عتق عبد ولده الصغير عن نفسه وصدقته ماله وهبته إياه للناس؟

فالفرق في هذا واضح إن شاء الله، وذلك أن العتق أدخل به الأب على نفسه تمليك شيء تعجله، وهو ملك الولاء وإنفاذه العتق عن نفسه، فذلك مثل [بيعه لنفسه] من مال ولده، وله أن يملك مال ولده الصغير بالمعاوضة، فأجزنا ذلك وألزمناه القيمة.

وأما الهبة والصدقة، فإنما أخرج ذلك من ملك ولده إلى ملك غيره بغير عوَ، لولده ولا لنفسه عاجل ولا آجل [و] لا يستوي نقله لشيء إلى ملكه ومنافعه، فيكون عليه عوضه، وأن يهب شيئا من مال ولده لغيره، ممن لم يأخذ ذلك على عوض ولا رضية به، ولا هو اختار المعاوضة فيلزمه، ولا الأب ناقل له إلى ملك نفسه باختياره، فتلزمه القيمة.

وقولك: إن جاز العتق لأنه يضمن عوضه، فضمنوه الصدقة وأجيزوها، وإن بطلت الصدقة لأنها ليس بشيء تافه فأبطلوا العتق، لأنه ليس بشيء تافه.

<<  <  ج: ص:  >  >>