فهذه السنة الثابتة، وأقاويل الصحابة وتابعي الحرمين والعراقين، فأين المذهب عن هذا؟
واحتجاجك بحديث ابن عباس: العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه "، فهو الراوي لحديث الاعتصار كما ذكرنا مع حديث النعمان بن البشير.
وهذا لا يتعارض، ويصير الأب مخصوصا من سائر الواهبين، كما خص في ولده بأمور كثيرة، لا يساويه فيها أحد، قد ذكرنا كثيرا منها.
وقولك: لم كان له أن يعتصر ما لم ينكح الابن على الهبة، أو يستحدث دينا؟ فإن كان له الرجوع، فذلك في كل حال، وإن لم يكن ذلك له، فلا رجوع له في كل حال.
فقد أعلمناك أنه قول عمر بن الخطاب - كما رويناه لك – وكثير من السلف، وكتب بمثله عمر بن عبد العزيز، وقضى به مروان، وقاله عطاء ومكحول، إلا أن ينكح أو يموت، وقاله كثير من أهل المدينة.
والاعتبار فيه بين، لأن الناس – في الأغلب – إنما يداينون ليسارهم، ويناكحون لذلك، ولو علنا [له][الاعتصار بعد] أن اغتر به الناس في مداينة الابـ[ـن] ومناكحته، []ـق الخلابة في تلـ[ـف] أموال الناس، وفي ترك الأب للاعتصار حتى وقعت المداينة والمناكحة، كالتسليم للاعتصار، وإلا فهو من الخديعة، وقد نهي عن ذلك الرسول عليه السلام.