فإذا عذرها في الكلام الذي هو أضعف تصرفاتهان كان العذر لها في أكثر من ذلك من التبذل وطلب الرزق أولى، [فلما كان العجز عن الكسب] فيها قائما، وهي العلة التي دل ظاهر القرآن أنها الموجبة للنفقة على الأولاد، أبقينا للأنثى النفـ[ـقة] حتى يجتمع على زوال العجز عنها.
ولا تصل إلى ذلك إلا ببروز وجهها ودخول بيتها، وهي قبل ذلك تخاطب من وراء حجاب.
وجعل الرسول عليه السلام صمتها كالخطاب فلا يشك ذو فهم أنها في هذه الحال أضعف من الذكر حيلة قبل بلوغه وفي حد مراهقته وقرب المراهقة، لا شك انه أقوى حيلة وأمكن سعيا وأقدر على الأسباب.
فلما عذر على ما عنده من قليل الاحتيال، حتى بولغ به إلى أكمل ما يترقب من نهوضه وتبسطه وقوة حيلته، في تصرفه، وذلك بالبلوغ، كانت الأنثى أولى أن يتربص بها إلى كمال الحال التي تقوى به على ما قوى عليه الذكر، من التبسط والسعي والتصرف.
ولا يذهب [عـ]ـن هذا إلا مكابر عادل من معاني الخطاب وحقائق الأسباب.
وقد ثبت أن النبي عليه السلام قال: اليتيمة أحق بنفسها من وليها، فدل بذلك أن ذات الأب لا مقال لها مع الأب، ولا سلطان لها في نفسها.