وقولك: فإن وجب الحد على القاذف لأنه مأمور ومنهي، فأوجبه في قذف المجنونة، فقد أوجبناه، وبطـ[ـل ما] تعلقت به من المناقضة، وإلزامك فيه [اختلال] لو حتى سلمنا لك ما ذكرت لكان قولك: لأنه ممن أمر ونهي إنما يحسن معه الإلزام، فأوجب الحد في قذفه للأمة والنصرانية، والمجوسية لأنه مأمور [ألا يقذفهن] ولا غيرهن.
وقولك: وإن كان لأن المقذوفة حال [القذف] كما قذفت، فلا حد على قاذف الصغيرة، فهذا فيه إحالة، وإنما الذي يحسن أن يقال: فإن كان لأن المقذوفة في حال القذف ليست كما قذفت، فلا حد على قاذف الصغيرة.
وبعد فلو كانت المجنونة حدث بها الجنون لكان الحد منها أبين شيء، لأنها قد أخذها زمان تكون به لو زنت زانية، ولو حتى قال: أردت في جنونك لم يصدق، وكان أدنى منازله التعريض.