وبعد فلم يحك قول مالك على وجهه، بقوله: قال مالك: إن الواجب عنده أن تتريض بنفسها أربع سنين، ثم تعتد عدة الوفاة.
ولم يقل مالك: إن واجبا على كل امرأة فقدت زوجها ما ذكر إنما ذلك لمن لم تصبر وطلبت حقها في نفي الضرر في انتظاره فإنه يضرب السلطان لها أجل أربع سنين ثم تعتد.
وقوله: لأن الله سبحانه لم يجعل أربع سنين عدة، لا على المطلقة ولا متوفي عنها، وهذا لم يقله مالك ولا قاله عمر: أن أربع سنين إنما هي عدة، وإنما أجل لها عمر اجل أربع سنين – والله أعلم – لاحتمال أن تأتي بولد، فطالب بها أقصى ما تقيم المرأة حاملا، وليكون ذلك أبلغ في الإعذار للغائب ولها، في نفي الضرر اللاحق لها بغيبته عنها، ثم تعتد بعد ذلك عدة الوفاة، إذ الغالب عليها فيه عدة الوفاة، وإن احتمل أن يكون حيا.
وقول هذا الرجل / هي ذات بعل بيقين، فلا يزول يقين بشك، واحتجاجه بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الذي يخيل إليه في الصلاة انه أحدث: لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا.
وهذا لا يشبه ما نحن فيه، لأن ما قضي به لزوجة المفقود لم يجعل على أنه ليس يجيء حينئذ، فنكون قد حكمنا بالشك، إذ لعلنا لم نصادف موته، ولكن لما لحقها ضرر غيبته ونفي ذلك عنها.