وشيء آخر: أنَّا متى رددنا فعلها لما يتبين لنا من الضرر، كان لها أن تأتنف فعل ما أراد [ت] مما لا يرد من فعلها، والمريض إذا جاوز الثلث، وفات بنفسه، فقام الورثة برد ذلك، لم يكن للميت من يأتنف له الوصية بالثلث، أو غير ذلك مما كان هو يأتنف لو رد عليه فعله قبل فوات نفسه.
فليس ردنا لما زاد على الثلث من فعل الميت كردنا لفعل المرأة؛ لأن هذه قادرة على ائتناف ما أرادت، والميت يفوت ذلك منه، فلم يتساو هذا.
وأما قوله: إذا قام الغرماء عليها لم يقض لهم بأخذ الصداق في دينهم، وتشتري به الجهاز أولا، فهذا قد دلت عليه الأصول، لأن الصداق قد تعارف الناس أنه إنما يدفع إليها لتصرفه فيما يتجملان به ويستمتعان به، فكأنه كالأمر المشترط، لأنه عرف قائم، فقضاؤه في دينها يمنع الزوج مما عليه بذل الصداق، ولو علم أنه إنما يصدقها لتصرفه في دينها، وتأتيه فقيرة، ما بذل لها ما بذل، وهذا ظاهر في التعارف.
وقد ذكرنا في باب الرجوع بنصف الصداق في الطلاق ما دل على كثر من معاني الخلاف في هذا الباب، وإن كان إنما بذل الصداق لأمر، فله القيام به والرفع لكل ما منع منه والله أعلم.
وليس لها أن تقطع عنه ما عليه أعطي الصداق كما لا تمنعه ما اشترط.
وقوله في امتناع النبي عليه السلام من الصلاة على المديان، حتى ضمن عنه أبو قتادة، فقد قيل: إنه منسوخ بقوله عليه السلام: من ترك مالا فلورثته، ومن ترك كلا فإلي.