فكيف تطمئن قلوبهم بنصرة رجل وهو لهم مخالف في الذي أظهر فيه نصرتهم، وإذ لم تطمئن قلوبهم بما عندهم من الشافعي، كان أحرى ألا تطمئن بما عندك مع خلافك إياهم، وهذا كلام لم يحصل منه إلا الحمية.
ثم قال: وإذ سهل الله عليكم الاعتراف بفضيلة أهل الحق، يعني الشافعي.
وإذا كان هو وأصحابه عندك أهل الحق، وجب أن يكون من خالفه أهل الباطل، فأنت أقرب إلى هذه التسمية على لسانك، لخلافك للشافعي في الأصول وكثير من الفروع.
وإن أردت أنهم أهل الحق فيما وافقوك فيه، وأهل باطل فيما خالفوك، فلا معنى لما خصصتهم به من هذه الكلمة التي أقررت أنها باطل على لسانك.
ولو قلت ذلك فيهم في مسألة اوفقتهم فيها، نزلت عن درجة المناقضة، وبقي عليك درك سوء أدب المراجعة.
ومعانيك في هذا الفصل كيف ما قلبتها لم تفقد منها خللا.
أرأيت إذا قالوا في مسألة: نحن أهل الحق فيها، وقال مثل ذلك خصماؤهم، أفي ذلك ما يرضي به أهل التحفظ؟ وهل هذا إلا تنطع وتكلف؟
وهذا الرجل يخالف الشافعي الذي نسبه إلى الحق [و] يخالفنا، إلا أنه رضي بالجنف، والغلو علينا دونه، ورضي أن [يرفع] محله من الإنصاف والدين، وأن يخلد بهذه الورطة كتابًا بأيدي الـ[ـناس].