وقد فرق النبي عليه السلام بين الأنثى البكر في سترها وبين الثيب التي برزت، فجعل إذن التي في الستر في النكاح صماتها، وإذن الثيب كلامها مثل الذكر، فقرن التي برزت بحكم الذكر في الدفع عن نفسها والعقد بلفظها، وجعل التي في الستر ينعقد عليها الأمر بصماتها.
وهذا ونحن نقول ونستدل: أن الأب يزوجها وإن لم يشاورها، لأنه في رواية سفيان: البكر اليتيمة تستأمر في نفسها.
وهذا كله دليل أن التي في الستر لا تمكن هي من أورها، ولا يتمكن هي منها، حتى عذرت في هذا الستر والتخفر بالصمت، فجعل منها كالنطق، ولا يشك أحد أنها غير عاجزة عن الكلام، فعذرت فيه وصارت كالعاجزة عنه لغلبة الحياء عليها، فهي في غير ذلك أعذر، وعن ما هو فوق ذلك من معاناة الأمور أعجز.