قال القاضي أبو محمد عبد الوهاب بن علي- رحمه الله: هذا يخالفنا فيه أبو حنيفة والشافعي؛ لأن من مذهبهما أنه إذا تحرك ثم مات صلى عليه، وعندنا أنه لا يصلى عليه إذا لم يكن غير الحركة.
والأصل في هذا أنه إنما يصلى على من كان حيا ثم مات؛ بدلالة أنها لو وضعته ميتا لم يصل عليه، وإذا صح هذا فدلالة حياته الصراخ أو ما يقوم مقامه؛ لأن الذي لا روح فيه لا يصيح ولا يستهل، وإذا فقدت دلالة الحياة لم تجز الصلاة عليه، والحركة لا تدل على حياته؛ لأنها قد كانت موجودة فيه حال كونه في بطن أمه، ولا اعتبار بها.
وأيضا ما رواه الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان؛ فيستهل صارخا من نخسه إلا ابن مريم وأمه صلى الله عليهما".
وروى العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"كل إنسان تلده أمه بلكزه الشيطان في حضنيه إلا مريم وابنها صلى الله عليهما".
ألا ترى أن الصبي إذا سقط من أمه كيف يصيح فذلك حين يلكزه الشيطان.
وروى سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن جابر بن عبد الله- رحمه الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يرث الصبي حتى يستهل".