وأيضاً فإن صوم عاشوراء لما نسخ لم يجز القياس عليه؛ لأن رمضان وغيره يكون حينئذ فرعاً له ومعتبراً به؛ فلا يجوز أن يبطل حكم الأصل ويثبت حكم الفرع.
وتعلقهم بقوله صلى الله عليه وسلم:«وإنما لامريء ما نوى» لا يصح؛ لأن النية إنما تكون في مستقبل الأفعال دون ماضيها؛ لأن الفعل إذا انقضى لم يصح أن ينوى من بعد.
واعتبارهم بالنية قبل الفجر بعلة أنه ناو لصيامه غير صحيح؛ لأنه إذا نوى في بعض اليوم فهذه النية لا تتناول ما مضى؛ فلم يكن ناوياً لصيامه، وينتقض بالنذر والقضاء وبالنية في أمس اليوم وعلى أن المعنى في الأصل تقدم النية على الفعل (المنوي).
واعتبارهم بالتطوع غير مسلم؛ لأن الباب عندنا واحد في الموضعين.
وقولهم: لأن النية حصلت أكثر نهاره كما لو قدمها من الليل غير صحيح؛ لأنه إذا قدمها من الليل لم نقل إنها حصلت أكثر نهاره؛ لأنها قد استوعبت النهار كله، وإنما تغير هذه العبارة ما لم تستوعب، على أن المعنى في ذلك ما ذكرناه من تقدم النية على العمل المنوي، والله أعلم.
فصل
واستدل أصحاب الشافعي على جواز ذلك في التطوع بقوله تعالى:{فمن تطوع خيراً فهو خير له}، والنافلة فعل خير.