وتكون فائدة ذلك أنه ليس عليه أن ينوي من أول الليل، وأنه يجوز أن ينوي مع طلوع الفجر.
وقولهم: لأنها نية لصيام تطوع قبل الزوال فأشبهت النية قبل الفجر لا يصح؛ لأن هذه العبارة لا تستعمل في الأصل؛ وذلك أن الفعل الواقع قبل دخول أصل الوقت لا يقال فيه إنه واقع قبل وسطه وآخره.
وإنما يصلح هذا في أبعاض الوقت الواحد.
ألا ترى أن الإنسان لو تنفل قبل الفجر أو قرأ شيئا لم يجز أن يعبر عنه لمن سألته متى فعلت ذلك؟ بأن يقول: إني فعلته قبل الزوال أو قبل العصر أو قبل أن يضحى النهار؛ لأن كل هذه العبارات تفيد أنه فعله بعد الفجر.
وأيضا فإن هذا الوصف لا يؤثر في الأصل؛ لأن النية إذا وقعت قبل الفجر صحت في الفرض والنفل؛ فلا معنى لتقيد صحتها بكونها واقعة لصيام نفل.
وأيضا فإنه ينتقض به إذا نوى لصيام تطوع من أمسه؛ لأنها نية قبل الزوال على ما قالوه.
وأيضا فالمعنى في الأصل أنه وقت لنية صوم الفرض؛ فكان وقتا لنية صوم النفل، وليس كذلك النهار. أو نقول: لأنها نية تقدمت على إمساك جميع اليوم، وليس كذلك إذا وقعت في بعض النهار.
وقولهم: إن النفل قد سومح فيه ما لم يسامح في الفرض كلام مجمل غير مقرر ولا محصل، ولا يجوز إذا وقعت المسامحة في شيء أن تقع في غيره إلا بدليل، وعلى أن شروط الصحة ثابتة في الموضعين.