وهذا ليس بصحيح عندنا؛ لأن الإنسان لا يكون صائما في بعض اليوم وغير صائم في بعضه.
فإن قيل: فإن كل هذا الاستعمال غير سائغ على قولكم؛ لأنكم لا تجوزون للمتطوع بالصيام أن يقطع صومه عذر.
قيل له: وليس في الخبر ذكر العذر ولا عدمه، وغير ممتنع أن يكون وجد عذرا جاز له معه قطع الصوم من شدة جوع أو مرض يبيح الفطر، فلما لم يجد الطعام آثر الحمل على نفسه وإتمام الصيام.
وما رووه عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبح ولم يجمع على الصوم، ثم يبدو له فيصوم فيه لفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن يكون ابن عباس قال ذلك لمذهب له في النية كما حكي أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج من ميمونة وهو محرم؛ لأنه كان يرى أن الإنسان يكون محرما بتقليد الهدى؛ فحكاه على مذهبه؛ فلا يترك بهذا ظواهر النصوص والأخبار وصحيح المقاييس والاعتبار.
ويحتمل أن يكون أراد أنه لم يكن يجمع على الصيام حتى يقارب الإصباح؛ فعبر به عن مقاربته؛ كما قال:{إني أراني أعصر خمرا}؛ فعبر باسم الخمر عما يؤل إليها. وكما قال تعالى:{فإذا بلغن أجلهن}، وقال:(فإذا فعلت هذا فقد تمت صلاتك)؛ معناه قاربت الإتمام.