للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجواب آخر:؛ وهو أن متساوون في استعمال الخبر؛ وذلك أنا إذا راعينا الاحتمال جوزنا أن يكون صلى الله عليه وسلم نوى من الليل، وجوزنا أن يكون للاستدامة نوى من النهار، وجوزنا أن تكون (إذا) داخلة للاستقبال والاستئناف، وجوزنا أن تكون للاستدامة.

وقد علمنا أن الصيام بنية من الليل أفضل منه بنية من النهار، بل هو إذا نوى له في النهار مكروه.

وإذا كان كذلك فهم منعوا أن يكون نوى من الليل؛ ليسلم لهم أن (إذا) داخلة للاستئناف.

ونحن نقول: إنه نوى من الليل، ونمنع أن يكون نوى من النهار؛ ليسلم فعله من الوجه المكروه، ويحمل على الوجه الأفضل؛ فيجب تساوينا في الخبر؛ بل يكون ما صرنا إليه أولى؛ لأن حراسة فعله من أن يحمل على الوجه المكروه أو على وجه ناقص الفضيلة أولى من حراسة نقل اللفظ من حقيقته إلى مجازه.

فإن قيل: فقد ورد لفظ آخر؛ وهو قوله: "إني إذا أبتدئ فأصوم".

قيل له: هذا لم يسمع إلى هذا الوقت، فإن ثبت [ق/ ٣٣ أ] نظر فيه على أنه لا يمنع أن يكون أراد به الاستدامة أيضا كما يقول المقيم الذي يريد السير ثم يبدو له بما يخبر عنه من فساد الطريق فأنا إذا أبتدئ فأقيم، معناه: أعزم العزم الصحيح على استدامة الإقامة من غير تروية بين قطعها والثبوت عليها؛ فكذلك سبيل قوله: (إني إذا أبتدئ فأصوم)، على أن حقيقة هذا تقتضي أن يكون مستأنفا للصيام من ذلك الوقت، ويكون ما مضى ليس بصيام.

<<  <  ج: ص:  >  >>