وقوله صلى الله عليه وسلم:"لا صيام لمن لا يبيت الصيام من الليل"، وهذا قد يبيته من الليل، ولم يفرق بين صيام دون صيام.
وظاهر الخبر يفيد أن كل صيام بيت له من الليل فإنه يجزئ.
فإذا ردوا استدلالهم بالخبر وقالوا: معنى ذلك الصيام الذي يتعقبه الليل؛ لأن الألف واللام للعهد.
قيل لهم: أن قوله: (لا صيام) نفي مطلق، وقوله (من الليل) عام في جنس الليل، وليس بمقصور على ليل دون غيره؛ فالعموم معني في ذلك وما ذكروه في ذلك مدعى لا دلالة فيه، وعلى أن الليلة الأولى معهودة بجميع الشهر أيضا فيدل على ما قلناه أن أيام رمضان لما كانت واجبة مستحقة العين ابتداء ولم يكن بينها زمان يصلح للصيام جاز أن تتقدم النية لجميعها من أول الشهر، وجرت مجرى اليوم الأول في أن النية الواحدة كافية لجميعه إذا تقدمت أوله؛ لما ذكرناه من كونه واجبا مستحق العين ابتداء لا يتخلل أجزاءه وقت آخر يصلح لصيام.
وتحرير هذه النكتة أن يقال: لأنها نية لصوم قدمت عليه بأوقات لا يصلح للعمل غيره من جنسه، أو لا يصلح لصوم غيره؛ فجاز تقديمها عليه في هذه الأوقات.