للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: ما أنكرتم أن يكون مقصود به العمال دون أرباب الأموال من قبل أنه لا يخلو قوله: لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين مفترق أن يكون أراد في الملك أو في المكان، وقد بطل أن يكون أراد به في المكان، لأن من له أربعون شاة في مكانين أو أكثر فإن عليه الصدقة، فثبت أن المراد بنهيه عن الجمع والتفرقة في الملك، مثل أن يكون لرجل مائة وعشرون شاة في [ق/ ١٠٧] ثلاثة أماكن فيكون عليه فيها شاة، وليس للمصدق أن يفرقها في الملك فيأخذ منها ثلاث شياه كما لو كانت لثلاثة نفر لأجل افتراقها في المكان، مثل أن يكون للرجلين ثمانون شاة لكل واحد أربعون، فيكون عليهما شاتان فليس للمصدق أن يجمعهما ليكون عليهما شاة.

فالواجب: أن هذا باطل من وجوه:

أحدها: أن النهي توجه عن جمع وتفريق يفعلان خوفا من الصدقة، وقد بينا أن ذلك لا يكون إلا في أرباب الأموال دون الساعي، لأن خشية الصدقة هي الخوف من لزومها ووجوبها، والساعي إذا فعل ما قالوه فإنما يفعله رجاء لوجوبها، وقصدا لكثرتها، لا خوفا منها وخشية منها، فبطل حمل الخبر عليه.

فإن قيل: معنى قوله: خشية الصدقة: خشية قلة الصدقات.

قلنا: لا معنى لذلك، لأن هذه الخشية لا محصول لها، لأن الذي عليه أن يأخذ من أرباب الأموال فأوجب عليهم كثر ذلك أو قل، ولو لم يجب على أحد منهم شيء لم يلزمه شيء، فلا معنى لخشيته. وإنما الذي يخشى أرباب الماشية، لكثرة ما يؤخذ منهم. وهذا ظاهر.

والوجه الآخر: هو أن حمله على التفريق بين المجتمع في الملك الواحد

<<  <  ج: ص:  >  >>