وقد بين أن الغني هو المالك للنصاب، فعلم بذلك أن مالك دونه ليس بغني تؤخذ منه الصدقة.
ولم يفرق في ذلك بين المنفرد والمخالط أيضا، فإن من يملك بعيرا واحدا أو شاة واحدة أو بعض بعير فقير ليس بغني، فلم تجب عليه زكاة.
وأيضا فلما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم فأردها على فقرائكم" وصف من تؤخذ منه ومن ترد فيه، فوجب بذلك أن يكون المأخوذ منه غير المردود فيه.
وما قالوه يؤدي إلى خلط أحد الأمرين بالآخر، وهذا خلاف الخبر.
فإن قيل: هذا عائد عليك لأنك تأخذ الصدقة ممن له نصاب وتعلمه صدقة.
أيضا إذا لم تكن غنيا بنصابه فقد أخذت الصدقة ممن يجب أن تعطيه، وهذا دخول فيما أنكرته.
قيل: ليس الأمر على ما ظننته، لأن الغنا في الأصل على ضربين: غنيا بالكفاية، وغنيا بالنصاب. فالغني المعتبر في وجوب الزكاة هو الغني بالنصاب، فبطل ما قالوه من جهة الاعتبار أن قصور الملك عن نصاب مسقط للزكاة، اعتبارا بالمنفرد.
ولأن كل من لو انفرد لم يكن من أهل الزكاة، فإذا خالط غيره كان حكمه كحكمه منفردا.
أصله: إذا كان معه عشرين من الغنم خالطا بها عبدا أو ذميا.
ولأن الزكاة لما كانت موضوعة على المواساة، ولذلك وضع لها نصاب