وروى مالك -رضي الله عنه- عن ثور بن يزيد الديلي عن ابن لعبد الله ابن سفيان الثقفي عن جده سفيان أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بعثه مصدقًا فكان يعد على الناس بالسخال. فقالوا: تعد علينا بالسخال ولا تأخذ منه شيئًا؟ فلما قدم على ذكر ذلك له فقال عمر: تعد عليهم السخلة يحملها الراعي ولا تأخذها، ولا تأخذ الأكولة ولا الربى ولا الماخض ولا فحل الغنم، وتأخذ الجذعة والثنية، وذلك عدل بين عر المال وخياره.
وروى يحيي بن جابر عن جبير بن نفير عن عبد الله بن معاوية الغافري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث من فعلهن فقد طعم طعم الإيمان: من عبد الله وحده وأنه لا إله إلا الله وأنه أعطى زكاة ماله طيب بها نفسه ولم يعط الهرمة ولا الدرنة ولا المريضة ولا الشرط اللئيمة، ولكن من وسط أموالكم، فإن الله لم يسألكم خيره ولم يأمركم بشره".
وأيضًا فلأن الزكاة موضوعة على العدل بين الفقراء وأرباب الأموال، فلما كنا لا نأخذ من إبله إذا كانت كلها حوامل أو لوابن، بل نكلفه السن الوسط، فكذلك إذا كانت صغارًا أو معيبة، لأن في أخذها كذلك إضراراً بالفقراء كما أن في الأخذ منها إن كانت كرائم ضرر بأرباب المال.
فأما قولهم: إنه لما نهى عن أخذ الكريمة إذا كان في المال الجيد والردئ دل ذلك على أن منع أخذها إذا كان كل المال رديئًَا أولى: فليس بصحيح،