وأما ابن الزبير: فروى شعبة عن أبي إسحاق قال: كتب إلينا ابن الزبير: "بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان"؛ صدق الفطر صاعًا صاعًا.
واعتبارهم باطل بالشعير والتمر؛ لأنها جنسان، وقدر الزكاة فيها مختلف.
فبطل ما قالوه.
وبالله التوفيق.
فصل
لا خلاف أن صاع النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أمداد، وإنما الخلاف في قدر المد؛ فعندنا وعند الشافعي أن المد رطل وثلث بالبغدادي؛ فيكون قدر الصاع خمسة أرطال وثلث، وإلى هذا رجع أبو سيف.
وعند أبي حنيفة أن المد رطلان بالبغدادي؛ فلذلك قال: إن الصاع ثمانية أرطال بالبغدادي.
والذي يدل على ما قلناه نقل أهل المدينة خلفًا عن خلف وآخر عن أول أن صاع النبي صلى الله عليه وسلم مقداره ما ذكرنا. وهذا الضرب من إجماعهم حجة على كل أهل الأمصار؛ لأنه نقل متواتر.
وعلى نحو ذلك روى أن مالكًا - رضي الله عنه - لما جمع الرشيد بينه وبين يعقوب، وسألهما عن صاع النبي صلى الله عليه وسلم فقال فيه مالك ما ذكرنا، وقال يعقوب: إنه ثمانية أرطال، جمع مالك النس بالمدينة وسألهم عن صاع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلهم يقول: حدثنا أبى عن جدي، وأمي عن جدتي، وأخبرني سلفي وكل من أدركت من أهلي أن هذا هو صاع النبي صلى الله عليه وسلم؛