للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأبا طاهرًا (١)، النحويين، عن قوله: "لا طلاق ولا عتاق في إغلاق".

قالوا: يريد الإكراه! لأنه إذا أُكْرهَ انغلق عليه رأيه.

ويدخل في هذا المعنى المُبَرْسَم (٢) والمجنون.

فقلت لبعضهم: والغضب أيضًا؟ فقال: ويدخل فيه الغضب؛ لأنَّ الإغلاق له وجهان: أحدهما الإكراه، والآخر ما دخل عليه مما ينغلق به رأيه عليه.

وهذا مقتضى تبويب البخاري؛ فإنه قال في صحيحه: "بابُ الطلاق في إغلاق، والمكره (٣)، والسكران، والمجنون" (٤)، يُفَرِّقُ بين الطلاق في الإغلاق وبين هذه الوجوه. وهو أيضًا مقتضى كلام الشافعي؛ فإنه يُسَمِّي نذر اللَّجاج والغضب يمين الغلق ونذر الغَلَق (٥)، هذا اللفظ يريد به نذر الغضب، وهو قول غير واحد من أئمة اللغة (٦).


(١) لعله: أبو طاهر، محمَّد بن الحسن بن محمَّد المحمَّداباذي، الإِمام النحويّ، توفي سنة ٣٣٦. انظر: "السِّيَر" (١٥/ ٣٠٤ - ٣٠٥، ٣٢٩ - ٣٣٠).
(٢) البِرسام -بالكسر-: عِلَّةٌ يهذي فيها، بُرْسِمَ -بالضم- فهو مُبَرْسَم. (القاسمي).
(٣) قال الحافظ ابن حجر [في "الفتح" (٩/ ٣٨٩)]: "هو في النسخ بضم الكاف وسكون الراء". وفي عطفه على الإغلاق تصريح بأنه يذهب إلى أن الإغلاق هو الغضب. (القاسمي).
(٤) كذا وقع في الأصل: "باب الطلاق في إغلاق والمكره". والذي في "الصحيح" وشروحه: "باب الطلاق في الإغلاق والكره".
(٥) انظر: "الأم" (٣/ ٦٥٩)، و"نهاية المحتاج" (٨/ ٢١٩).
(٦) اعلم أن من فسره بالغضب فسره بلازمه أو بمساويه، كقول ابن الأثير [في "النهاية" (٣/ ٣٨٠)]: "الغَلَقُ: ضِيق الصدر وقلة الصبر. رجل غَلِق - ككتف-: سيء الخلق". =

<<  <  ج: ص:  >  >>