للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحينئذٍ، فنقول: الغضبُ ثلاثة أقسام (١):

أحدها: أن يحصل للإنسان مبادئه وأوائله، بحيث لا يتغيَّر عليه عقله، ولا ذهنه، ويَعْلَمُ ما يقول ويقصده، فهذا لا إشكال في وقوع طلاقه، وعتقهِ، وصحة عقوده، ولا سيما إذا وقع منه ذلك بعد تردُّدِ فِكْره.

القسم الثاني: أن يبلغ به الغضب نهايته، بحيث يَنْغَلِقُ عليه بابُ العلم والإرادة، فلا يعلم ما يقول ولا يريده، فهذا لا يتوجَّهُ خلافٌ في عدم وقوع طلاقه، كما تقدم.

والغضبُ غُولُ العقل (٢)، فإذا اغتال الغضبُ عقله حتى لم يعلم ما يقول، فلا ريب أنه لا ينفذ شيء من أقواله في هذه الحالة، فإن أقوال


(١) بهذا التقسيم يُرَدُّ على ابن المرابط حيث قال: "الإغلاق حَرَجُ النفس، وليس كل من وقع له فارق عقله، ولو جاز عدمُ وقوع طلاق الغضبان لكان لكل أحدٍ أن يقول فيما جناه: كنت غضبانًا". نقله الحافظ في "فتح الباري" [(٩/ ٣٠١)].
ووجه الرَّدِّ أن الغضب ليس على إطلاقه كما فَهِمَه، والمرءُ يُدَيَّن في ذلك، كما حققه المؤلف في الوجه الحادي عشر، والرابع عشر، ومواضع أخر. (القاسمي).
وأصل هذا التقسيم لشيخ الإِسلام ابن تيمية. انظر: "إعلام الموقعين" (٤/ ٥٠) و"زاد المعاد" (٥/ ٢١٥).
(٢) انظر: "إعلام الموقعين" (٢/ ١٧٥)، و (٣/ ٥٣)، و"أقسام القرآن" (٢٦٥).
قال ابن السكيت في "إصلاح المنطق" (١٢٤، ٢٧٢):
"والغُول: ما اغتال الإنسان وأهلكه، يقال: الغضب غُول الحِلْم". وانظر: "مجمع الأمثال" (٢/ ٦١)، و"المستقصى" (١/ ٣٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>