للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأربعة اعتبار نذر اللَّجاج والغضب، وإن تنازعوا في مُوجَبه، فأوجب مالك وأهل العراق الوفاءَ به كنذر التبرُّرِ، وخَيَّرَ الليث بن سعد والشافعيُّ وأحمد بن حنبل بين فعلِه وبين كفارة اليمين، ولم يقل أحدٌ منهم: إنه لا ينعقد، وإنه لغو (١). وقد ذكر الله تعالى الكفارة في الأيْمان كلِّها ولم يُحَصِّلْ (٢) منها يمين الغضب دون يمين الرضا.

قيل: نعم، هدا حقٌّ، ولكن اليمين لما قَصَد صاحبُها الحَضَّ أو المَنْعَ كانت الكفارةُ رافعةً لما حصل بها من الضرر، بخلاف الطلاق والعتاق فإنهما إتلافٌ مَحْضٌ لِمُلْكِ البُضْعِ والرَّقَبة، ولا كفارة فيهما، فالضرر الحاصل بوقوعهما لا يندفعُ بكفارَةٍ ولا غيرِها، وكما أنه يُفَرَّقُ في الإكراه بين نوعٍ ونوعٍ، فالإكراهُ يُبيحُ الأقوال عندنا وعند الجمهور، وكلُّ قولٍ أُكْرِه عليه بغير حقٍ فإنه باطل، وأبو حنيفة يفرِّقُ بين نوعٍ ونوع (٣).

والإكراهُ على الأفعال ثلاثةُ أنواع (٤):

نوعٌ لا يُباح بالإكراه، كقتلِ المعصومِ، وإتلافِ أطرافِه.

ونوعٌ يُبِيحُه الإكراه بشرط الضمان، كإتلاف مالِ المعصوم.


(١) انظر ما تقدم (ص: ٢٢ - ٣٢).
(٢) أي يُمَيِّز، ومنه آيةَ ﴿وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (١٠)﴾ [العاديات: ١٠]. (ق).
(٣) انظر: كتاب الإكراه من "المبسوط" (٢٤/ ٣٨ - ١٥٦)، و"بدائع الصنائع" (٦/ ١٨٤ - ٢٠٨).
(٤) انظر: "التقريب لعلوم ابن القيم" (٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>