للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إن الرسول والداعية الناجح هو الذي يستعين بالله على تنفيذ أوامر الله، ويتوكل على الله حين يأخذ بأسبابه مهما كانت هذه الأسباب قوية، وأي شيء أقوى من معجزاتٍ أيَّد الله تعالى بها رسله وبينات وبراهين أقام على أيديهم بها حجته، ولكن ذلك لا يكفي بل إن مقام شهود هذه الأسباب هو - بالنسبة للداعية الناجح - عين مقام شهود الفقر إلى الله وهو بذلك أشد داعٍ إلى التوكل على الله تعالى حق توكله دونما ركون لما سواه مهما كان قويًا، بل إن هذا التوكل يصبح في سياق مجابهة الرسل أقوامهم نوعًا من التحدي المعجز بحد ذاته، فهو (كالإشارة من الرسل عليهم الصلاة والسلام لقومهم بآية عظيمة وهو أن قومهم في الغالب أن لهم القهر والغلبة عليهم، فتحدَّتهم رسلهم بأنهم متوكلون على الله في دفع كيدهم ومكرهم وجازمون بكفايته إياهم، وقد كفاهم الله شرهم مع حرصهم على إتلافهم وإطفاء ما معهم من الحق) (١) ولقد جاءت السورة بتأكيد هذا الأمر في مقام محاججة الرسل قومهم، تأمل قوله تعالى: {قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ


(١) تيسير الكريم الرحمن- السعدي - ٣٧٢

<<  <   >  >>