وقد جاء هذا وصفًا للكافرين في قوله تعالى:{وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ}{الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ} ، وهذا المعوِّق يمكن اعتباره في الحقيقة الداء الأصيل لكل من وضع أمام الدعوة عائقًا أو اعترض طريقها بعقبة أو نحوها، لأنهم (يقدمونها [أي الدنيا] ويؤثرونها عليها [أي الآخرة] ويعملون للدنيا ونسوا الآخرة وتركوها وراء ظهورهم)(١) قلت: فالذي يعمل للدنيا يتخبط في كل أوديتها ويسير وراء كل هوى، فكلما عارض الشرعُ ودعوةُ الحق هواه أخذ يضع من العوائق والعقبات ما يحجب دعوة الحق عنه لتخليَّ بينه وبين هواه، وهذا عندي هو وجه كون هذا هو المعوِّق الأصيل للدعوة، فهو يتعدى كونه مانعًا من قبول الفرد للدعوة وتلقيها إلى تجنيد هذا الفرد تحت إمرة إبليس للوقوف في طريق الدعوة بشتى السبل كما سيلي، ولهذا كان مناسبًا أن ذكرت الآية الكريمة هذا العائق أول ما ذكرت، والله تعالى أعلم.
(١) تفسير القرآن العظيم - ابن كثير - ٥٩٦ / ٤ وما بين معقوفتين من كلامي