للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والآداب الحسنة) (١) قلت: وهذا في غاية الحسن من حيث ضرب المثل للمعاني المعقولة بالأشياء المحسوسة المستقرة في بداهة العقول والتي تتراءى للناس في معايشهم كل يوم، وإن منتهى الحسن في نتاج هذه الشجرة ذلك التثبيت عند سؤال الملكين في القبر ثم نوال رضا الله تعالى وثوابه يوم القيامة، كما قال تعالى بعد ضرب هذا المثل: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} (٢) فلقد ثبت هذا المعنى من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «المسلم إذا سئل في القبر شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فذلك قوله:" يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة» (٣) ويأتي تكامل المشهد في عرض الصورة المناقضة، فبضدها تتميز الأشياء؛ ففي مقابل كلمة التوحيد وشجرة الإيمان - التي شبهتها بعض الأحاديث بالنخلة - تأتي الكلمة الخبيثة كلمة الكفر كالشجرة الخبيثة شجرة الحنظل (لا أصل لها ولا ثبات، كذلك الكفر لا أصل له ولا فرع ولا يصعد للكافر عمل ولا يتقبل منه شيء) (٤)


(١) تيسير الكريم المنان - السعدي- ٣٧٤
(٢) سورة إبراهيم - آية ٢٧
(٣) صحيح البخاري - كتاب تفسير القرآن
(٤) تفسير القرآن العظيم - ابن كثير - ٦١٦ / ٤

<<  <   >  >>