للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

-رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إِنَّ أَحَقَّ مَا وَفَّيْتُمْ بِهِ مِنَ الشُّرُوطِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ» (١).

وعقد الزواج في الإسلام عقد اختيار لا إجبار، روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال -صلى الله عليه وسلم-: «لَا تُنْكَحُ الأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلَا تُنْكَحُ البِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ إِذْنُهَا؟ قَالَ: «أَنْ تَسْكُتَ» (٢).

ولذلك سهل الله أمر الفراق بين الزوجين عند تعذر الحياة الزوجية، فإن قام بذلك الزوج وإلا حلَّ للمرأة أن تفتدي نفسها ولا جناح عليها في ذلك، قال تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [سورة البقرة، آية: ٢٢٩]. أو يحكم القاضي الشرعي بالتفريق بينهما، لكن يجب أن يعلم أن هذا العقد الغليظ لا يجوز حله إلا بانعدام هذه الأمور الثلاثة التي هي ركائز العشرة الزوجية، فإذا عدمت المودة بينهما فإنه يبقى بينهما رابط الرحمة وإقامة حدود الله، فإن عدمت الرحمة أيضًا فإنه يبقى بينهما رابط أن يطيع كل واحد منهما الله في الآخر. روي أن رجلًا قال في عهد عمر -رضي الله عنه- لامرأته: نشدتك بالله هل تحبيني؟ فقالت: أما إذ نشدتني بالله فلا. فخرج حتى أتى عمر، فأرسل إليها، فقال: أنت التي تقولين لزوجك: لا أحبك؟ فقالت: يا أمير المؤمنين نشدني بالله، أفأكذب؟ قال: نعم فأكذبيه، ليس كل البيوت تُبنى على الحب، ولكن الناس يتعاشرون بالإسلام والأحساب (٣).


(١) صحيح البخاري برقم (٥١٥١)، وصحيح مسلم برقم (١٤١٨).
(٢) صحيح البخاري برقم (٥١٣٦)، وصحيح مسلم برقم (١٤١٩).
(٣) شرح السنة للبغوي (١٣/ ١٢٠).

<<  <   >  >>