للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وإخوتي؟ هذا واللَّه ما لا يكون.. فأمر بالرواحل وارتحلوا.. ولما ساروا ما شاء اللَّه، قال الحارث لخارجة: تقدم، قال خارجة: فتقدمت ثم عدل الحارث بزوجته عن الطريق.. وما لبث أن لحق بي، فقلت: أفرغت؟ قال: لا واللَّه، قلت: ولم؟ قال: قالت لي: أكما يفعل بالأمة الجليبة أو السبية الأخيذة، لا واللَّه! حتى تنحر الجزر وتذبح الغنم، وتدعو العرب، وتعمل ما يعمل لمثلي. فقلت: واللَّه إني أرى همةً وعقلًا وأرجو أن تكون منجبة. وسكت الحارث، قال خارجة: فرحلنا حتى وصلنا ديارنا، فأحضر الإبل والغنم، ثم دخل عليها. وسرعان ما خرج علي، فقلت: أفرغت؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: دخلت عليها فقالت: والله لقد ذكر لي من الشرف ما لا أراه فيك؟ قلت: وكيف؟ قالت: أتفرغ للنساء، والعرب تقتل بعضها بعضًا!! (المقصد: كانت الحرب في بدايتها بين عبس وذبيان). قلت: فيكون ماذا؟ قالت: اخرج إلى القوم فأصلح بينهم، ثم ارجع إلى أهلك فإنه لن يفوتك ما تريد. فقال الحارث: اخرج بنا يا خارجة، فخرجنا حتى أتينا القوم فمشينا بينهم بالصلح فاصطلحوا على أن يحتسبوا القتلى، عن كل رجل دية، فحملنا ثلاثة آلاف بعير في ثلاث سنين، وانصرفنا بأجمل الذكر، فمدح زهير بن أبي سُلمى الحارث بالقصيدة المشهورة:

أَمِنْ أُمِّ أَوْفَى دِمْنَةٌ لَمْ تَكَلَّمِ... بِحَوْمَانَةِ الدَّرَّاجِ فَالمُتَثَلَّمِ (١)

شريح والتميمية:

روى القاضي المعافى بن زكريا بسنده إلى الشعبي قال: قال لي شريح: يا شعبي! عليكم بنساء بني تميم فإنهن النساء! قلت: وكيف ذاك؟ فقال:


(١) التذكرة الحمدونية (٢/ ٣٨).

<<  <   >  >>