للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: لما أُمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتخيير أزواجه بدأ بي فقال: «إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا فَلَا عَلَيْكِ أَنْ لَا تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ». قَالَتْ: وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَاني بِفِرَاقِهِ، قَالَتْ: ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ الله جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَالَ: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (٢٨) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (٢٩)}»، قَالَتْ: فَقُلْتُ: فَفِي أَيِّ هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ؛ فَإِنِّي أُرِيدُ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ (١).

قالت: ثم فعل أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل ما فعلت، وفي رواية: «لَا تَسْأَلُنِي امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ إِلَّا أَخْبَرْتُهَا، إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنِّتًا، وَلَا مُتَعَنِّتًا، وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا» (٢).

دور الآباء والأمهات في تقويم الزوجات وتوجيههن إلى مراعاة أحوال أزواجهن:

روى مسلم من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَوَجَدَ النَّاسَ جُلُوسًا بِبَابِهِ لَمْ يُؤْذَنْ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ. قَالَ: فَأُذِنَ لِأَبِي بَكْرٍ فَدَخَلَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عُمَرُ فَاسْتَأْذَنَ فَأُذِنَ لَهُ، فَوَجَدَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، جَالِسًا حَوْلَهُ نِسَاؤُهُ، وَاجِمًا سَاكِتًا. قَالَ: فَقَالَ: لَأَقُولَنَّ شَيْئًا أُضْحِكُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ لَوْ رَأَيْتَ بِنْتَ خَارِجَةَ سَأَلَتْنِي النَّفَقَةَ فَقُمْتُ إِلَيْهَا فَوَجَأْتُ عُنُقَهَا. فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَقَالَ: «هُنَّ


(١) صحيح البخاري برقم (٤٧٨٦)، وصحيح مسلم برقم (١٤٧٥).
(٢) صحيح مسلم برقم (١٤٧٨).

<<  <   >  >>