المذكور كذب والتكليف بالكذب قبيح بناء على قاعدة التحسين والتقبيح ووجوب رعاية المصالح في أفعاله تعالى وجميع ذلك باطل عند أهل السنة مع أنه قد يدعو التكليف بالكذب غرض للمكلف صحيح فلا يكون قبيحا وقد ذكر الفقهاء مسائل يجب فيها الكذب وقد يندب وقد يكره ونظمها بعضهم بقوله:
لقد أوجبوا زورا لإنقاذ مسلم ... وقال له إ هو بالجوز يطلب
ويكره تطيبا لخاطر أهله ... وإما بإرهاب العدو فيندب
وجاز لإصلاح ويحرم ما سوى ... أولاء فذا نظم لهن مهذب
قوله بإيجاب الأخبار بنقيضه خرج به مجرد نسخة من غير إيجاب الأخبار لنقيضه كما لو قال أخبر وأعن العالم بأنه حادث ثم قال لا تخبروا عنه بشيء البتة فلا خلاف في جوازه قاله في الآيات البينات ومثله لحاولوا قوله لا نسخ الخبر أي لا يجوز نسخ مدلول الخبر بخلاف لفظه فجائز لقولنا ونسخ بعض الذكر مطلقا ورد، قال السبكي: ويجوز على الصحيح نسخ بعض القرآن تلاوة وحكما أو أحدهما فقط وإنما منعوا نسخ مدلول الخبر وإن كان مما يتغير لنه يوهم الكذب أي يوقعه في الوهم أي أن الذهن والكذب على الله تعالى محال واعترض بأن نسخ الأمر يوهم البدء أي الظهور بعد الخفاء وهو محال على الله تعالى أيضا فلو كان مجرد الإيهام مانعا لامتنع النسخ هنا أيضا قال في الآيات البينات فإن قالوا النهي الذي ينسخ الأمر دال على أن الأمر لم يتناول ذلك الوقت قلنا الناسخ للخبر أيضا دال على أن الخبر المنسوخ لم يتناول تلك الصورة. وأجيب بأن الإيهام الذي في الأمر هو الإيهام المنافي للتحقيق والذي في الخبر هو الإيهام المجامع للتحقق (وكل حكم قابل له).