وقيل يجوز في خاصة نفسه دون ما يفتى به غيره وقيل يجوز عند ضيق الوقت لما يسئل عنه كالصلاة الموقتة بخلاف ما إذا لم يضق قاله أبن سريج قال حلولو وما ينبغي أن يختلف في هذا لأنه كالعاجز:
وليس في فتواه مفت يتبع ... إن لم يضف للدين والعلم الورع
ببناء يتبع للمفعول يعني أن المفتي يحرم على غيره العمل بفتواه إذا لم تجتمع فيه ثلاثة أمور الدين والعلم والورع لعدم الثقة بمن عدمت فيه خصلة من الثلاث ويعرف حصول تلك الأمور بالأخبار المفيدة للعلم أو الظن وكذلك إذا حصل العلم أو الظن باشتهاره بها كانتصابه والناس يستفتونه والعالم هو المجتهد بأقسامه الثلاثة ومن كان من أهل النقل الصرف بشرط أن يستوفي تلك المسألة بمعرفة أركانها وشروطها وكونها مطلقة أو مقيدة أو عامة أو خاصة مثلًا والمشهور فيها من الضعيف ومعرفة ما جرى به العمل المعتبر وذو الدين هو ممتثل الأوامر ومجتنب النواهي والورع متقي الشبهات كترك المندوب لأنه يجر إلى ترك السنة وترك السنة يجر إلى ترك الواجب وفعل المكروه لأنه يجر إلى فعل الحرام ومن اتقاء الشبهات ترك فعل الشيء حيث تعارضت الأدلة أو أقوال العلماء في جوازه وتحريمه وهي مستوية وإلا وجب العمل بالراجح ولابد أيضًا في المفتي من العدالة بلا خلاف وهي ملكة تمنع من اقتراب الكبائر وصغائر الخسة والرذائل المباحة كالبول في الطريق:
ومن لم يكن بالعلم والعدل أشتهر ... أو حصل القطع فالاستفتا أنحظر
يعني أنه لا يجوز لأحد أن يستفتى الأمر قطع بكونه من أهل العلم والدين والورع أو حصل له ظن ذلك لاشتهاره بتلك الأمور كانتصابه والناس مستفتون له ولم ينكر ذلك أهل العلم والدين والورع وإذا سئل ولم يكن من أهل الدين والعلم والورع فلا يجوز العمل بفتواه كما تقدم في البيت قبل هذا سواء علمنا اتصافه بعدم خصلة من الثلاث أو جهلنا ذلك لأن الأصل عدمها والأصح وجوب البحث عن علمه وعدالته