القرافي عقب ذكر الخلاف في وجوب إعادة العامي المستفتي للعالم السؤال ولفظه إنما يتجه هذا إذا كان المفتي مجتهدًا أما المفتي بالنقل الصرف فإذا علم المستفتي ذلك فلا حاجة إلى سؤاله ثانيًا انتهى يعني لعدم احتمال تغير ما عنده في تلك الحادثة.
(وخيرن عند استواء السبل) جمع سبيل يعني أن العالم إذا استفتاه عامي وفي المسألة أقوال مستوية فإنه يخير العامي في العمل بأي تلك الأقوال شاء إذا لم يكن بين قائلها تفاوت وبعضهم يقول يأخذ العامي بأغلظ الأقوال لما فيه من الاحتياط وإن كان فيها تفاوت من جهة فقد أشار له بقوله:
وزائدًا في العلم بعض قدمًا ... وقدم الأورع كل القدما
بعض مبتدأ خبره جملة قدم وزائدًا مفعول قدم يعني أنه إذا وقع التفاوت في العلم مع الاستواء في الدين والورع فإن بعض العلماء يوجب الأخذ بقول الأعلم قال الإمام الرازي وهو الأقرب ولذلك قدم في إمامة الصلاة زائد الفقه لأن المقدم في كل موطن من مواطن الشريعة من هو أقوم بمصالح ذلك الموطن ولذلك قدم في الصلاة الفقيه على القارئ وقدم في الحروب من هو أعلم بها على غيره وفي أموال الأيتام من هو أعلم بمصالحها على غيره وبعضهم يخير في الآخذ بين قول العالم والأعلم لأن كلا طريق إلى الجنة فإذا اختلف أبن رشد واللخمي في فرعية ولا مرجح قدم عندهم ابن رشد لأنه أعلم بناء على القول الأول وإن كان التفاوت في الورع والدين مع الاستواء في العلم تعين الأدين لأن لزيادة الدين والورع تأثيرًا في التثبيت في الاجتهاد وغيره قال في التنقيح فإن كان أحدهما أرجح في علمه والآخر أرجح في دينه فقيل يتعين الأدين وقيل الأعلم وهو الأرجح. هـ.
ثم أعلم أن قوله وخيره عند استواء السبل، وقوله وزائدًا في العلم البيت في أخذ العامي بأحد أقوال مذهبه في مسألة اختلف فيها أصحاب الإمام مالك ومن بعدهم وقوله وجائز تقليد ذي اجتهاد، إلى قوله وموجب تقليد الأرجح في تقليد غير المجتهد المطلق له: