للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٤٠١ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ , قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ , قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ أَيُّوبَ , عَنْ عِكْرِمَةَ , قَالَ: لَمَّا وَادَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ مَكَّةَ , وَكَانَتْ خُزَاعَةُ حُلَفَاءَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ , وَكَانَتْ بَنُو بَكْرٍ حُلَفَاءَ قُرَيْشٍ , فَدَخَلَتْ خُزَاعَةُ فِي صُلْحِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدَخَلَتْ بَنُو بَكْرٍ فِي صُلْحِ قُرَيْشٍ , فَكَانَتْ بَيْنَ خُزَاعَةَ وَبَيْنَ بَكْرٍ بَعْدُ قِتَالٌ , فَأَمَدَّتْهُمْ قُرَيْشٌ بِسِلَاحٍ وَطَعَامٍ وَظَلَّلُوا عَلَيْهِمْ , وَظَهَرَتْ بَنُو بَكْرٍ عَلَى خُزَاعَةَ , فَقَتَلُوا فِيهِمْ , فَقَدِمَ وَافِدُ خُزَاعَةَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَ بِمَا صَنَعَ الْقَوْمُ , وَدَعَاهُ إِلَى النُّصْرَةِ , وَأَنْشَدَ فِي ذَلِكَ:

[البحر الرجز]

لَا هُمَّ إِنِّي نَاشِدٌ مُحَمَّدَا ... حِلْفَ أَبِينَا وَأَبِيهِ الْأَتْلَدَا

وَالِدًا كُنَّا وَكُنْتَ وَلَدَا ... إِنَّ قُرَيْشًا أَخْلَفُوكَ الْمَوْعِدَا

وَزَعَمُوا أَنْ لَسْتُ أَدْعُو أَحَدَا ... وَنَقَضُوا مِيثَاقَكَ الْمُؤَكَّدَا

وَجَعَلُوا لِي بِكَدَاءَ رُصَّدَا ... وَهُمْ أَذَلُّ وَأَقَلُّ عَدَدَا

وَهُمْ أَتَوْنَا بِالْوَتِيرِ هُجَّدَا ... وَقَتَلُونَا رُكَّعًا وَسُجَّدَا

ثَمَّتَ أَسْلَمْنَا وَلَمْ نَنْزِعْ يَدَا ... فَانْصُرْ رَسُولَ اللهِ نَصْرًا أَعْتَدَا

وَابْعَثْ جُنُودَ اللهِ تَأْتِي مَدَدَا ... فِي فَيْلَقٍ كَالْبَحْرِ يَأْتِي مُزْبِدَا

فِيهِمْ رَسُولُ اللهِ قَدْ تَجَرَّدَا ... إِنْ سِيمَ خَسْفًا وَجْهُهُ تَرَبَّدَا

قَالَ حَمَّادٌ: وَهَذَا الشِّعْرُ بَعْضُهُ عَنْ أَيُّوبَ , وَبَعْضُهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَازِمٍ , وَأَكْثَرُهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ. ⦗٢٩٢⦘

٥٤٠٢ - حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: ثنا يُوسُفُ بْنُ بُهْلُولٍ , قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ , عَنِ الزُّهْرِيِّ وَغَيْرِهِ نَحْوَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ الْمُنَاشِدَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الشِّعْرِ عَمْرُو بْنُ سَالِمٍ، فَلَمَّا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُدْخِلْ خُزَاعَةَ فِي سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى , لِلْحِلْفِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ , اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ إِعْطَاءُ بَنِي الْمُطَّلِبِ لِلْحِلْفِ , وَلَوْ كَانَ إِعْطَاؤُهُمْ لِلْحِلْفِ أَيْضًا , لَأَعْطَى مَوَالِيَ بَنِي هَاشِمٍ , وَهُوَ فَلَمْ يُعْطِهِمْ شَيْئًا , وَأَمَّا مَا ذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمَا , مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمَا , فَهُوَ أَحْسَنُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ كُلِّهَا عِنْدَنَا , لِأَنَّا رَأَيْنَا النَّاسَ فِي دَهْرِنَا هَذَا يُنْسَبُونَ إِلَى الْعَبَّاسِ , وَكَذَلِكَ آلُ عَلِيٍّ , وَآلُ جَعْفَرٍ , وَآلُ عَقِيلٍ , وَآلُ الزُّبَيْرِ , وَطَلْحَةَ , كُلُّ هَؤُلَاءِ لَا يُنْسَبُ أَوْلَادُهُمْ إِلَّا إِلَى أَبِيهِمُ الْأَعْلَى , فَيُقَالُ: بَنُو الْعَبَّاسِ , وَبَنُو عَلِيٍّ , وَبَنُو مَنْ ذَكَرْنَا , حَتَّى قَدْ صَارَ ذَلِكَ يَجْمَعُهُمْ , وَحَتَّى قَدْ صَارُوا بِآبَائِهِمْ مُتَفَرِّقِينَ كَأَهْلِ الْعَشَائِرِ الْمُخْتَلِفَةِ , فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: رَأَيْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَسَمَ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى , إِنَّمَا جَعَلَهُ فِيمَنْ يَجْمَعُهُ وَإِيَّاهُ أَبٌ جَاهِلِيٌّ , فَكَانَ بَنُو ذَلِكَ الْأَبِ مِنْ ذَوِي قَرَابَتِهِ , وَكَذَلِكَ مَنْ أَعْطَاهُ أَبُو طَلْحَةَ , مَا أَعْطَاهُ مِمَّنْ ذَكَرْنَا , فَإِنَّمَا يَجْمَعُهُمْ وَإِيَّاهُ أَبٌ جَاهِلِيٌّ , ⦗٢٩٣⦘ فَلِمَ قُلْتُمْ: إِنَّ قَرَابَةَ الرَّجُلِ هِيَ مَنْ جَمَعَهُ وَإِيَّاهُ أَقْصَى آبَائِهِ فِي الْإِسْلَامِ؟ قِيلَ لَهُ: قَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا , فِي كِتَابِنَا هَذَا , أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى قَرَابَةً , وَمَنَعَ قَرَابَةً , وَقَدْ كَانَ كُلُّ مَنْ أَعْطَاهُ وَكُلُّ مَنْ حَرَمَهُ , مِمَّنْ لَمْ يُعْطِهِ , مِمَّنْ مَوْضِعُهُ مِنْهُ , وَمَوْضِعُ الَّذِي أَعْطَاهُ يَجْمَعُهُ وَإِيَّاهُمْ عَشِيرَةٌ وَاحِدَةٌ , يُنْسَبُونَ إِلَيْهَا حَتَّى يُقَالَ لَهُمْ جَمِيعًا: هَؤُلَاءِ الْقُرَيْشِيُّونَ , وَلَا يُنْسَبُونَ إِلَى مَا بَعْدَ قُرَيْشٍ , فَيُقَالُ: هَؤُلَاءِ الْكِنَانِيُّونَ , فَصَارَ أَهْلُ الْعَشِيرَةِ جَمِيعًا بَنِي أَبٍ وَاحِدٍ وَقَرَابَةٍ وَاحِدَةٍ , وَبَانُوا مِمَّنْ سِوَاهُمْ , فَلَمْ يُنْسَبُوا إِلَيْهِ فَكَذَلِكَ أَيْضًا كُلُّ أَبٍ حَدَثَ فِي الْإِسْلَامِ صَارَ فَخِذًا أَوْ صَارَ عَشِيرَةً يُنْسَبُ وَلَدُهُ إِلَيْهِ فِي الْإِسْلَامِ فَكَانَ هُوَ وَوَلَدُهُ يُنْسَبُونَ جَمِيعًا إِلَى عَشِيرَةٍ وَاحِدَةٍ قَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِسْلَامَ فَهُمْ جَمِيعًا مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْعَشِيرَةِ , هَذَا أَحْسَنُ الْأَقْوَالِ فِي هَذَا الْبَابِ عِنْدَنَا , وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ , ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَا أَعْطَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَوِي قُرْبَاهُ , فَوَجَدْنَا النَّاسَ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَعْطَاهُ بِحَقٍّ قَدْ وَجَبَ لَهُمْ بِذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إِيَّاهُمْ فِي آيَةِ الْغَنَائِمِ , وَفِي آيَةِ الْفَيْءِ , وَلَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ , وَلَا التَّخَطِّي بِهِ عَنْهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ وَلِأَنْفُسِهِمْ , مِنْ خُمُسِ جَمِيعِ الْفَيْءِ , وَمِنْ خُمُسِ خُمُسِ جَمِيعِ الْغَنَائِمِ , كَمَا لَيْسَ لَهُ مِنْهُ , مَنْعُ الْمُقَاتِلَةِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْغَنَائِمِ , وَلَا التَّخَطِّي بِهِ عَنْهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ , وَقَالَ آخَرُونَ: لَمْ يَجِبْ لِذِي قَرَابَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقٌّ فِي الْفَيْءِ , وَلَا فِي خُمُسِ الْغَنَائِمِ بِالْآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرْتُهُمَا فِي أَوَّلِ كِتَابِنَا هَذَا , وَإِنَّمَا وَكَّدَ اللهُ أَمْرَهُمْ بِذِكْرِهِ إِيَّاهُمْ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ , ثُمَّ لَا يَجِبُ بَعْدَ ذَلِكَ لَهُمْ فِي الْفَيْءِ وَخُمُسِ الْغَنَائِمِ إِلَّا كَمَا يَجِبُ لِغَيْرِهِمْ مِنْ سَائِرِ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ

<<  <  ج: ص:  >  >>